حديث مخيف عن عبدالله بن عمرو بن العاص
حديث مخيف عن عبدالله بن عمرو بن العاص
عَنْ عبدالله بن عمرو بن العاص
قالَ: إنَّ في البَحْرِ شَياطِينَ مَسْجُونَةً، أوْثَقَها سُلَيْمانُ، يُوشِكُ أنْ تَخْرُجَ، فَتَقْرَأَ علَى النَّاسِ قُرْآنًا.
هذا في الحقيقة حديث مخيف يتحدث عن ان الله أعطَى نَبيَّه سُليمانَ بنَ داودَ عليهما السَّلامُ مُلكًا عَظيمًا، وسَخَّرَ له الرِّيحَ والجِنَّ تَأتَمِرُ بأمرِه، وقد كَذَبَتِ الشِّياطينُ على سُليمانَ عليه السَّلامُ، وقالوا: إنَّه كفَرَ وعلَّمَ النَّاسَ السِّحرَ، وهؤلاءِ الشِّياطينُ كذَبُوا على اللهِ وعلى أنبيائهِ، وهكذا يفعَلُ كُلُّ كَذَّابٍ أفَّاكٍ على اللهِ في كلِّ عصرٍ.
وفي هذا الأثرِ حديث مخيف يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ في البَحرِ شَيَاطينَ مَسجُونَةً رَبَطَها وقيَّدَها سُلَيمانُ عليه السَّلامُ، بما آتَاه اللهُ من المُلكِ، وجَعَلَها في البحرِ بعيدًا عنِ النَّاسِ، وقدِ اقترَبَ الزَّمانُ الذي تَنفَكُّ فيه من حِبالِها ورِباطِها، فتَنطَلِقُ وتقَرَأُ على النَّاسِ كَلامًا وتَزعُمُ أنَّه قُرآنٌ من كِتابِ اللهِ، وهو ليسَ كذلك، ولكنَّه كَذِبٌ. وقيلَ: المَعنى أنَّ الشِّياطينَ تَأتي بقُرآنٍ، فلا يُقبَلُ منهم، كما لم يُقبَل ما جاءت به طائفةُ القرامطةِ ومُسَيلِمةُ وشَبَهُهم. وقيلَ: المُرادُ بالقرآنِ ما تَأتي به وتَجمَعُه من أشياءَ تَذكُرُها؛ إذ أصلُ كلمةِ “القرآنِ” الجَمعُ؛ وسُمِّيَ بذلك لِمَا يَجمَعُه من القَصَصِ والأمرِ والنَّهيِ والوعدِ والوعيدِ. وقد أخبَرَ اللهُ تَعالَى أنَّه حَفِظَ كتابَه وضَمِنَ ذلك، فقالَ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]؛ فلن يُزادَ فيه حرفٌ ولا يُنقَصُ منه حرفٌ، ولا يُقبَلُ من أحدٍ كائنًا مَن كانَ قرآنٌ يدَّعيه ممَّا ليسَ بينَ دَفَّتَيِ المُصحَفِ.
وهذا الأثرُ حديث مخيف من جُملةِ التَّحذيرِ مِنَ الكذَّابينَ والدَّجَّالينَ الذين يَظهَرُون في آخِرِ الزَّمانِ ويَكذِبون على اللهِ ورسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولعلَّه يُريدُ أن يُوضِّحَ أنَّ الكَذِبَ على اللهِ سيَنتَشِرُ في آخِرِ الزَّمانِ، وأنَّ الجَهلَ سيَنتَشِرُ لدرجةِ أنَّ النَّاسَ لا تَعرِفُ القرآنَ الحَقَّ مِنَ الزائفِ، فإذا قرأت عليهمُ الشياطينُ أيَّ كلامٍ، وزعَمُوا أنَّه مِنَ القرآنِ صدَّقُوهم.