اسلاميات

خذل عنا ما استطعت – كيف تكون سببا في نصر الأمة ؟

خذل عنا ما استطعت – كيف تكون سببا في نصر الأمة ؟

 

وصية رسول الله لرجل من الصحابة – خذل عنا ما استطعت

قال ابن القيم في زاد المعاد عند ذكر غزوة الأحزاب:
فكان مما هيأ من ذلك أن رجلا من غطفان يقال له نعيم بن مسعود بن عامر رضي الله عنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت، فمرني بما شئت،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما أنت رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة)

؛ فذهب من فوره ذلك إلى بني قريظة، وكان عشيرا لهم في الجاهلية، فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه، فقال: يا بني قريظة إنكم قد حاربتم محمدا، وإن قريشا إن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا انشمروا إلى بلادهم راجعين وتركوكم ومحمدا،

فانتقم منكم، قالوا: فما العمل يا نعيم؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن قالوا: لقد أشرت بالرأي، ثم مضى على وجهه إلى قريش، فقال لهم: تعلمون ودي لكم ونصحي لكم، قالوا: نعم.

قال: إن يهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يمالئونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم،

ثم ذهب إلى غطفان، فقال لهم مثل ذلك، فلما كان ليلة السبت من شوال بعثوا إلى اليهود: إنا لسنا بأرض مقام، وقد هلك الكراع والخف، فانهضوا بنا حتى نناجز محمدا، فأرسل إليهم اليهود: إن اليوم يوم السبت، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن،

فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش: صدقكم والله نعيم، فبعثوا إلى يهود، إنا والله لا نرسل إليكم أحدا، فاخرجوا معنا حتى نناجز محمدا، فقالت قريظة: صدقكم والله نعيم، فتخاذل الفريقان.

خذل عنا ما استطعت - كيف تكون سببا في نصر الأمة ؟
خذل عنا ما استطعت – كيف تكون سببا في نصر الأمة ؟

قاعدة خذل عنا ما استطعت

لتكن عنوان هذه المرحلة، وذلك لمعاني عدة منها:
أن لا تقل كلمة فيها تخذيل لأهل الإيمان، من كلمات ينشر فيها ضعفهم أو يحصل بها تفرقهم، بل من تخذيل أهل الكفر أن تقوي عزائم المؤمنين وتشد أزرهم.
ومنها: الكلمة اليسيرة في ظنك عظيمة عند الله، وأثرها أشد من أثر السلاح والموت والقتل، فإنما هو رجل واحد ولكن أثرت في صف الناس كثيرا، فحيث كان التخذيل في صف العدو كان خيرا عظيما وأجرا كبيرا، وحيث حصل التخذيل في صف المؤمنين دخل صاحب هذا التخذيل في النفاق.

ومنها: يحمل حكم الكلمات في مواطن اللقاء على أثرها لا على نية صاحبها فيما يزعم، فمن زعم بعضهم أنها يقولون الحقيقة، وكأن هذه الحقائق دينية ليكون قولها في كل موطن هو الحق، بل هي كلمات خلاف حكمها حكم أثرها في نفوس المسلمين، فهذا وقت التصبير وشد الأزر وشحن النفوس

كما هو وقت نشر اليأس والقنوط عند الشيطان وجنده، فشتان من يقول: {لا مقام لك فارجعوا}، وبين مقام: {هذا ما وعدنا الله ورسوله}.
ومنها: من قدر على كلمة حق فليقلها، ومن لم يقدر فلا يجوز له قول كلمة الباطل.
ومنها: نعيم بن مسعود جاء الإسلام وأسلم وقت المحنة والبلاء، وهو نصر رباني من عالم الغيب، وعلى خلاف ما يتوقعه الناس، فالنصر من عند الله، يحبسه ويفتحه لحكمة عنده سبحانه.

ومنها كقاعدة الحرب خدعة، وبعض فعال بعضهم وكأنه يمارس خداع المؤمنين، ويمكر بهم لا لهم، ويعادي المؤمنين غير آبه أن في ذلك تقوية ليهود ومن والاهم.
ومنها الكثير، فلينظر المرء موقفه وكلماته.

خذل عنا ما استطعت - كيف تكون سببا في نصر الأمة ؟
خذل عنا ما استطعت – كيف تكون سببا في نصر الأمة ؟

 

تصفح المزيد من المقالات الدينية

انضم الى قناتنا الاخبارية على تيلي جرام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى